الماء هو سر الحياة، به تحيا الأرض ويعيش الإنسان وتزدهر المجتمعات. وقد امتن الله تعالى على عباده بقوله: “وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ” [الأنبياء: 30]. ومع ذلك، يعاني ملايين البشر حول العالم من شح المياه الصالحة للشرب، مما يجعل الحصول على كوب ماء نقي حلمًا للكثيرين. ومن هنا جاءت أهمية مشاريع سقيا الماء التي تنفذها الجمعيات الخيرية، كخطوة إنسانية عظيمة تسهم في إنقاذ الأرواح وتخفيف المعاناة، وتفتح بابًا للأجر المستمر للمتبرعين.
في هذا المقال، نسلط الضوء على فضل سقيا الماء، ودور جمعية البر الخيرية بعجلان في تنفيذ مشاريعها، وكيف يمكن للمتبرعين المشاركة في هذا العمل المبارك.
جعل الإسلام سقيا الماء من أفضل الصدقات، بل هي من أعظم القربات التي يُتَقرب بها إلى الله. فقد ورد عن النبي ﷺ أنه سُئل: “أي الصدقة أفضل؟” قال: “سقي الماء” [رواه أبو داود].
كما أن سقيا الماء تُعد صدقة جارية يستمر أجرها حتى بعد وفاة صاحبها، طالما بقي الناس ينتفعون بها. وهذا ما يجعل التبرع بالماء خيارًا مثاليًا لكل من يبحث عن عمل خيري يبقى أثره ممتدًا لأجيال.
من أعظم الأمثلة
بناء أو حفر الآبار في المناطق المحتاجة.
تركيب خزانات مياه في القرى والبوادي.
المساهمة في توفير مياه الشرب للأسر الفقيرة.
كل هذه الصور تدخل في قوله ﷺ: “أفضل الصدقة سقي الماء”.
تشير التقارير العالمية إلى أن واحدًا من كل ثلاثة أشخاص حول العالم لا يحصل على مياه شرب آمنة. هذا النقص يؤدي إلى انتشار الأمراض، ويزيد من معاناة الأسر في الحصول على احتياجاتها اليومية. وفي بعض القرى النائية، يضطر الأطفال والنساء إلى قطع مسافات طويلة لجلب الماء، مما يعرّض حياتهم للخطر ويحرمهم من التعليم أو الاستقرار.
من هنا، يصبح التبرع بسقيا الماء عملاً إنسانيًا بامتياز، حيث يسهم في رفع المعاناة عن الأسر المحتاجة، ويضمن لهم حياة كريمة وآمنة.
تسعى جمعية البر الخيرية بعجلان إلى تقديم حلول عملية ومستدامة لمشكلة نقص المياه في بعض المناطق داخل المملكة وخارجها. وتتنوع مشاريع الجمعية لتشمل:
مشاريع حفر الآبار: حفر آبار سطحية أو ارتوازية حسب حاجة المنطقة.
توزيع عبوات مياه صالحة للشرب للأسر المحتاجة.
توفير خزانات مياه في الأماكن التي تفتقر إلى مصادر مائية دائمة.
المساهمة في توصيل شبكات المياه إلى بعض القرى النائية.
تهدف هذه المشاريع إلى ضمان وصول المياه النقية للأسر والأفراد، والتخفيف من معاناتهم اليومية، مع الحرص على تنفيذها وفق أعلى معايير الجودة والشفافية.
المشاركة في سقيا الماء متاحة للجميع، ولا يشترط مبلغًا محددًا، بل يستطيع كل شخص أن يساهم بما يقدر عليه. وتشمل طرق المساهمة:
التبرع المالي المباشر عبر قنوات التبرع الإلكترونية للجمعية.
المشاركة في حملات سقيا الماء التي تطلقها الجمعية في المواسم.
التبرع الدوري ليكون لك سهم دائم في توفير المياه.
إهداء التبرع كصدقة عن روح قريب متوفى، أو بنية الشفاء أو التوفيق.
من أعظم ما يميز التبرع في مشاريع سقيا الماء أنه صدقة جارية يبقى أثرها ممتدًا حتى بعد وفاة صاحبها. فكل قطرة ماء يشربها محتاج، أو كل عابر سبيل يروي عطشه، تكون في ميزان حسنات المتبرع.
ولذلك، يعتبر الكثير من المحسنين هذا النوع من التبرع أحد أفضل الأبواب للاستثمار في الآخرة.
في إحدى القرى المحتاجة، تم حفر بئر عبر تبرعات المحسنين، وأصبح مصدر الحياة لأكثر من 200 أسرة.
أسرة تبرعت بخزان مياه عن روح والدهم، وأصبح ذلك الخزان يروي مئات الأشخاص يوميًا.
مجموعة من الشباب ساهموا بمبالغ بسيطة، لكن جهودهم الجماعية كانت سببًا في تنفيذ مشروع حفر بئر دائم.
هذه الأمثلة تبين أن أي مساهمة – مهما كانت صغيرة – قادرة على صناعة فارق كبير.
إن سقيا الماء ليست مجرد عمل خيري عابر، بل هي باب من أبواب الرحمة المستمرة، وصدقة جارية عظيمة الأجر. ومن خلال مشاريع جمعية البر الخيرية بعجلان، يمكن للمحسنين أن يكونوا سببًا في تخفيف عطش إنسان، أو إنقاذ حياة أسرة كاملة، أو بناء بئر يبقى أثره ممتدًا لعقود.
فلنغتنم هذه الفرصة المباركة، ولنجعل التبرع بسقيا الماء أحد أعمالنا التي تبقى لنا بعد رحيلنا، امتثالًا لقول النبي ﷺ: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له” [رواه مسلم].